على عشّه. فأكبّ عليه جمجمة (١) ، يعني زجاجة. فجاء الهدهد فجعل لا يصل إليه ، فانطلق ، فجاء بالماس الذي يثقب به الياقوت ، فوضعه عليها ، فقطّ الزجاجة نصفين ، ثم ذهب ليأخذه فأعجزه (٢) ، فجاءوا بالماس إلى سليمان ، فجعلوا يستعرضون الجبال كأنما يخطون في نواحيها في طين.
قوله : (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) (٨٣)
قال قتادة : المرض.
وقال الحسن كقوله : (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ)(٣).
قال الحسن : ان إبليس قال : يا ربّ ، هل من عبيدك عبد إن سلّطتني عليه امتنع منّي؟
قال : نعم ، عبدي أيّوب. قال : فسلّطه عليه ليجهد جهده ، ويضلّه بخباله وغروره فامتنع منه.
قال إبليس : يا ربّ ، إنّه قد امتنع منّي ، فسلّطني على ماله. فسلّطه على ماله فجعل يهلك ماله صنفا صنفا ويأتيه فيقول : يا أيوب هلك مالك في موضع كذا وكذا فيقول : الحمد لله ، اللهم أنت أعطيته ، وأنت أخذته منّي ، إن تبق لي نفسي أحمدك على بلائك.
قال إبليس : يا ربّ إنّ أيوب لا يبالي بماله ، فسلّطني على جسده. فسلّطه الله عليه فمكث سبع سنين وأشهرا في العذاب حتى وقعت الأكلة في جسده.
قال يحيى : وبلغني أن الدودة كانت تقع من جسده فيردها في مكانها ويقول : كلي ممّا رزقك الله.
قال الحسن : فدعا ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ)(٤)
وقال في هذه الآية : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٨٣) فأوحى الله إليه أن (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ)(٥) فركض برجله ركضة وهو لا يستطيع القيام. فإذا عين فاغتسل منها ، فأذهب الله تبارك وتعالى ظاهر دائه ، ثم مشى على رجليه أربعين
__________________
(١) الجمجمة : قدح من خشب. لسان العرب ، مادة جمم.
(٢) في طرة ع : قال ابو الحسن : ذهب ليأخذه فأعجزه ، لابي داود. وكان عندي فأزعجوه. قال ابو الحسن وهو في سورة ص : فأزعجوه.؟؟
(٣) ص ، ٤١.
(٤) ص ، ٤١.
(٥) ص ، ٤٢.