قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا) قرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر : «وإن» بالتخفيف. وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة «لمّا» بالتشديد (١).
فمن شدّد «إنّ» فعلى الأصل ، ومن خفّفها أعملها عمل الثّقيلة.
قال سيبويه (٢) : حدثنا من نثق به أنه سمع من العرب : إن عمرا لمنطلق ، فيخفّفون ويعملونها ، وأنشد :
ووجه حسن النّحر |
|
كأن ثدييه حقّان (٣) |
والتنوين في «كلّا» عوض من المضاف إليه ، التقدير : وإن كل الحق من قصصنا ومن لم نقصص. فمن شدّد «إنّ» وخفّف «لمّا» جعل «ما» زائدة ، واصلة بين لام «إن» ولام «ليوفينهم» ، ولو لم يأت بها لكان «ليوفينهم» جواب قسم محذوف ، واللام في «لما» موطئة للقسم و «ما» مؤيدة. والمعنى : وإن جميعهم والله ليوفينهم ربك أعمالهم من حسن وقبيح ، وإيمان وجحود.
ومن خفّف «إن» و «لما» قال : هي مخففة من الثقيلة على الوجه المذكور. فأما من شدّد «لما» فهو مشكل عندهم.
قال بعضهم : ليس يراد ب «لمّا» هاهنا معنى الحين ، ولا معنى «إلّا» ، ولا معنى «لم» ، وأحسن ما تصرف إليه أنه أراد : «لمّا» ، من قوله : «كلا لمّا» ، ثم وقف فصار
__________________
(١) الحجة للفارسي (٢ / ٤٢٠) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٥٠) ، والكشف (١ / ٥٣٦ ـ ٥٣٧) ، والنشر (٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩١) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٦٠) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٣٩ ـ ٣٤٠).
(٢) الكتاب (٢ / ١٤٠).
(٣) تقدم في بداية الجزء.