الباء (١) ، على معنى : اتبعوا جزاء ما أترفوا فيه.
قال الزمخشري (٢) : ويجوز أن يكون المعنى في القراءة المشهورة : اتبعوا جزاء إترافهم. وهذا معنى قوي لتقدم الإنجاء ، كأنه قيل : إلا قليلا ممن أنجيناهم وهلك السائر.
فإن قلت : علام عطف قوله : (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا)؟
قلت : إن كان معناه : واتبعوا الشهوات ، كان معطوفا على مضمر ؛ لأن المعنى : إلا قليلا ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد ، واتبع الذين ظلموا شهواتهم ، فهو عطف على «نهوا». وإن كان معناه (٣) : واتبعوا الإتراف ، فالواو للحال ، كأنه قال : أنجينا القليل ، وقد اتبع الذين ظلموا جزاءهم.
فإن قلت : فقوله : (وَكانُوا مُجْرِمِينَ)؟
قلت : على «أترفوا» أي : اتبعوا الإتراف وكونهم مجرمين ؛ لأن تابع الشهوات مغمور بالآثام. وأريد بالإجرام : إغفالهم للشكر.
أو على «اتبعوا» ، أي : اتبعوا شهواتهم وكانوا مجرمين بذلك. ويجوز أن يكون اعتراضا وحكما عليهم بأنهم قوم مجرمون.
قوله تعالى : (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) اللام في «ليهلك» لتوكيد النفي.
قال عبد القاهر الجرجاني : هذه اللام تسمى لام الجحود ، وهي تخالف لام كي
__________________
(١) البحر المحيط (٥ / ٢٧١ ـ ٢٧٢).
(٢) الكشاف (٢ / ٤١٢ ـ ٤١٣).
(٣) في الأصل زيادة قوله : وإنه. انظر : الكشاف (٢ / ٤١٣).