الكرش. ومعناه : إزالة الثرب ، كما أن التجليد والتقريع إزالة الجلد والقرع ؛ لأنه إذا ذهب كان ذلك غاية الهزال والعجف الذي ليس بعده ، فضرب مثلا للتقريع الذي يمزق الأعراض ويذهب ماء الوجوه.
فإن قلت : [بم](١) تعلق «اليوم»؟
قلت : بالتثريب ، أو بالمقدر في «عليكم» من معنى الاستقرار ، أو ب «يغفر» (٢).
قلت : والأول أظهر ، وعليه عامة المفسرين. وأراد : لا تثريب عليكم أبدا ، لكنه خصّ ذلك اليوم ؛ لأنه الوقت الذي ينفث فيه المصدور ، والمقام الذي تحمى في مثله الصدور ، فإذا نفى عنهم التثريب فيه فهو له عنهم في غيره أبقى. فلله حكم يوسف ما أرزنه ، ولله عقله ما أرصنه.
ولقد روي أن إخوته قالوا له : إنك [لتدعونا](٣) إلى طعامك بكرة وعشيا ،
__________________
(١) في الأصل : بما. والتصويب من الكشاف (٢ / ٤٧٣).
(٢) قال أبو حيان في البحر المحيط (٥ / ٣٣٨) : أما قوله : إن «اليوم» يتعلق بالتثريب ، فهذا لا يجوز ؛ لأن التثريب مصدر ، وقد فصل بينه وبين معموله بقوله : «عليكم» ، و «عليكم» إما أن يكون خبرا ، أو صفة ل «تثريب» ، ولا يجوز الفصل بينهما ؛ لأن معمول المصدر من تمامه. وأيضا لو كان «اليوم» متعلقا ب «تثريب» لم يجز بناؤه ، وكان يكون من قبيل المشبه بالمضاف ، وهو الذي يسمى المطول ويسمى الممطول ، فكان يكون معربا منونا.
وأما تقديره الثاني فتقدير حسن ، ولذلك وقف على قوله «اليوم» أكثر القراء ، وابتدؤوا ب (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) على جهة الدعاء ، وهو تأويل ابن إسحاق والطبري.
وأما تقديره الثالث : وهو أن يكون «اليوم» متعلقا ب «يغفر» فمقبول ، وقد وقف بعض القراء على «عليكم» وابتدأ (الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) ، قال ابن عطية : والوقف على «اليوم» أرجح في المعنى ، لأن الآخر فيه حكم على مغفرة الله ، اللهم إلا أن يكون ذلك بوحي.
(٣) في الأصل : لتدعوا. والتصويب من تفسير أبي السعود (٤ / ٣٠٥).