ونحن نستحيي منك لما فرط منا فيك. فقال يوسف : إن أهل مصر وإن ملكت فيهم فإنهم ينظرون إليّ بالعين الأولى ، ويقولون : سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ ، ولقد شرفت الآن بكم ، وعظمت في العيون ؛ حيث علم الناس أنكم إخوتي وأنّي من حفدة إبراهيم صلىاللهعليهوسلم (١).
ثم دعا لهم بالمغفرة ليتمّ النعمة عليهم فقال : (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
قال ابن عباس : جعلهم في حلّ ، وسأل الله لهم المغفرة (٢) ، وأخبر أن الله تعالى أرحم بأوليائه من الوالدين بولدهما.
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) (٩٥)
قال السدي : فلما عرّفهم نفسه سألهم عن أبيه ، فقالوا : ذهبت عيناه ، فأعطاهم قميصه ، وقال : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا)(٣) ، وهو قميص إبراهيم الذي جيء به إليه من الجنة ، وقد ذكرناه فيما مضى من هذه السورة (٤).
__________________
(١) ذكره أبو السعود في تفسيره (٤ / ٣٠٥).
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٦٣١) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٢٨٣).
(٣) أخرج نحوه الطبري (١٣ / ٥٧) ، وابن أبي حاتم (٧ / ٢١٩٦). وذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٦٣١) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٢٨٣) ، والسيوطي في الدر المنثور (٤ / ٥٠٧).
(٤) تقدم عند قوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ).