وأحلم.
ثم خوّف المكذبين فقال : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) ببصائرهم وأبصارهم ، وهو استفهام في معنى التقرير والتوبيخ لهم ، بمعنى أنهم قد ساروا في آثارهم ونظروا عاقبة أمرهم وما جوزوا به على جناية كفرهم وتكذيبهم ، فهلا اعتبروا وازدجروا.
(وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) أي : ولدار الساعة الآخرة.
وقال الفراء (١) : أضيفت «الدار» إلى «الآخرة» ؛ لأن العرب تضيف الشيء إلى نفسه إذا اختلف لفظه ، كقوله تعالى : (لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) [الواقعة : ٩٦].
(أَفَلا يَعْقِلُونَ) قرئ بالياء والتاء على المخاطبة والغيبة.
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (١١٠)
قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) «حتى» متعلقة بمحذوف دلّ عليه الكلام ، كأنه قال : وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا فتراخى نصرهم وتطاولت عليهم المدة ، حتى استشعروا القنوط وتوهموا أنهم لا ينصرون ، فجاءهم نصرنا فجأة.
قال ابن عباس : استيأسوا من إيمان قومهم (٢).
__________________
(١) معاني الفراء (٢ / ٥٥ ـ ٥٦).
(٢) قال ابن عباس في تفسيره (ص : ٢٩٥) : يعني : أيس الرسل من أن يتبعهم قومهم ... وقد أخرج نحوه النسائي في الكبرى (٦ / ٣٧٠) ، والطبري (١٣ / ٨٤) ، وابن أبي حاتم (٧ / ٢٢١٢) ، وسعيد ـ