وقال مجاهد : أيسوا من تعذيبهم (١).
قوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) قرأ أهل الكوفة : «كذبوا» بالتخفيف (٢) ، إذا قلت له الكذب. قال لبيد :
وأكذب النّفس إذا حدّثتها |
|
إنّ صدق النّفس يزري بالأمل (٣) |
وهي قراءة صحيحة ثابتة عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبها قرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأهل بيته عليهمالسلام ، وابن مسعود ، وأبي بن كعب ، وكثير من التابعين منهم : سعيد بن جبير ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، في خلق يطول ذكرهم.
وقد روي : أن عائشة رضي الله عنها أنكرت هذه القراءة ، وقالت : معاذ الله لم يكن الرسل لتظن ذلك بربها. ولهذه القراءة تأويلان (٤) :
أحدهما : أن يكون الضمير في قوله : «وظنوا» يعود إلى المرسل إليهم ، فإن ذكر «الرسل» يدل عليهم ، والضمير في «أنهم» للمرسل إليهم أيضا ، فيكون المعنى :
فظن المرسل إليهم أنهم قد كذبوا ، أي : أن الرسل قد كذبوهم فيما توعدوهم به من نزول العذاب بهم والنصر عليهم ، وهذا تأويل جماعة ؛ منهم : سعيد بن جبير ، ولقد
__________________
ـ ابن منصور (٥ / ٤١٢). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٩٦) وعزاه لأبي عبيد وسعيد بن منصور والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.
(١) أخرجه الطبري (١٣ / ٨٨). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٩٧) وعزاه لابن جرير.
(٢) الحجة للفارسي (٢ / ٤٥٦) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٦٦) ، والكشف (٢ / ١٥) ، والنشر لابن الجزري (٢ / ٢٩٦) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٦٨) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٥٢).
(٣) انظر البيت في : اللسان ، مادة : (خزا) ، والإصابة (٥ / ٦٧٩) ، وروح المعاني (٢٦ / ١٧٨).
(٤) ذكر لهذه القراءة ثلاث تأويلات.