إلى ذلك النبي أنه قد بقي من عمر البارّ ثلاث سنين ، وبقي من عمر العاقّ ثلاثون سنة. قال : فأخبر النبي رعية هذا ورعية هذا ، فأحزن ذلك رعية العادل ، وأحزن ذلك رعية الجائر. قال : ففرقوا بين الأطفال والأمهات ، وتركوا الطعام والشراب ، وخرجوا الى الصحراء يدعون الله عزوجل أن يمتعهم بالعادل ، ويزيل عنهم أمر الجائر ، فأقاموا ثلاثا ، فأوحى الله تعالى إلى ذلك النبي أن أخبر عبادي أني قد رحمتهم وأجبت دعاءهم ، فجعلت ما بقي من عمر هذا البارّ لذلك الجائر ، وما بقي من عمر الجائر لهذا البارّ. قال : فرجعوا إلى بيوتهم ، ومات العاقّ لتمام ثلاث سنين ، وبقي العادل فيهم ثلاثين سنة ، ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) [فاطر : ١١]».
ثم التفت المنصور إلى جعفر بن محمد فقال : يا أبا عبد الله! حدث إخوتك وبني عمك بحديث أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في البر ، فقال جعفر بن محمد : حدثني أبي [عن جدي](١) عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من ملك يصل رحمه وذا قرابته ويعدل على رعيته إلا شدّ الله [له](٢) ملكه وأجزل له ثوابه ، وأكرم مآبه ، وخفف حسابه» (٣).
قوله تعالى : (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) يخافون وعيده ، (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) خوفا يحملهم على الطاعة ويزحزحهم عن المعصية.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) أي : صبروا على طاعة ربهم
__________________
(١) زيادة من تاريخ بغداد (١ / ٣٨٧).
(٢) زيادة من تاريخ بغداد ، الموضع السابق.
(٣) تاريخ بغداد (١ / ٣٨٥ ـ ٣٨٧).