وطاعة رسولهم.
وقيل : صبروا على المصائب في الأنفس والأولاد والأموال ابتغاء وجه ربهم طلبا [لمرضاته](١) وثوابه ، لا ليقال : ما أصبره ، وما أحمله وأكمله وأجمله ، ولا لئلا يشمت به حساده وأعداؤه ، كما قال أبو ذؤيب الهذلي :
وتجلّدي للشامتين أريهم |
|
أنّي لريب الدهر لا أتضعضع (٢) |
بل يصبروا لوجه الله تعالى ، فإن الصبر حينئذ يكون عبادة وقربة إلى الله تعالى ، فيثيبه عليه.
(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) على الوجه المأمور به ، (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) من الأموال المكتسبة من الوجه الحلال ، (سِرًّا وَعَلانِيَةً) ، قال ابن عباس : يريد : الصلوات الخمس والزكاة (٣).
والأظهر في نظري : القول بالعموم في نفل الإنفاق وفرضه ، فقوله : «سرا» يتقيد بالنفل ، فإنه أفضل ، وقوله : «علانية» يتقيد بالفرض لشرعية إظهاره ؛ نفيا للتهمة.
(وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) قال ابن عباس : يدفعون بالعمل الصالح السيء من العمل (٤) ؛ كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم لمعاذ بن جبل : «إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها
__________________
(١) في الأصل : لمرضاتهم. والصواب ما أثبتناه.
(٢) البيت لأبي ذؤيب الهذلي ، من عينيته المشهورة في رثاء أبنائه ، انظر البيت في : البحر (٥ / ٣٧٧) ، وسير أعلام النبلاء (٣ / ١٦١) ، وفيض القدير (٤ / ٢٣٣) ، والاستيعاب (٤ / ١٦٥٢) ، والإصابة (٧ / ١٣٢).
(٣) أخرجه الطبري (١٣ / ١٤٠). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٣٢٤).
(٤) أخرجه الطبري (١٣ / ١٤١) عن ابن زيد. وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٦٣٨) وعزاه له.