قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) قال الزبير بن العوام رضي الله عنه : قال مشركوا مكة للنبي صلىاللهعليهوسلم : ادع الله عزوجل أن يزيل عنا هذه الجبال ويفجر لنا الأرض أنهارا فنزرع ، أو يحيي لنا موتانا فنكلمهم ، أو تصير لنا هذه الصخرة ذهبا فتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف ، فقد كان للأنبياء آيات ، فنزلت هذه الآية (١).
والمعنى : لو أن قرآنا سيّرت به الجبال عن مواضعها.
(أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) أي : شقّقت فجعلت أنهارا وعيونا ، (أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) فتسمع وتجيب.
وهذه الجملة ـ أعني : سيرت وقطعت وكلم ـ في موضع النصب ، وصفا للقرآن.
واختلف في جواب «لو» فقال الأكثرون : هو مضمر ، تقديره : لكان هذا القرآن لعظمته وكرامته.
أو يكون المعنى : لو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض حتى تتصدع وتتزايل قطعا ، لكان هذا القرآن ؛ لما يشتمل عليه من الإنذار والتهديد والتخويف.
وقيل : التقدير : لو أن قرآنا كان بهذه المثابة لما آمنوا به ؛ كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّنا
__________________
(١) أخرجه أبو يعلى في مسنده (٢ / ٤٠). وانظر : زاد المسير (٤ / ٣٣٠) ، وأسباب نزول القرآن للواحدي (ص : ٢٨٠). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٦٥٢) وعزاه لأبي نعيم في الدلائل وابن مردويه.