يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) (١٧)
وما بعده سبق تفسيره في قصة شعيب في الأعراف إلى قوله تعالى : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) أو لأن في الإيحاء معنى القول.
(وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ) يعني : أرض الظالمين (مِنْ بَعْدِهِمْ) أي : من بعد هلاكهم (ذلِكَ) إشارة إلى إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين (لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) قال ابن عباس : خاف مقامه بين يديّ (١) ، وهذا من باب إضافة المصدر إلى المفعول.
قال الفراء (٢) : العرب قد تضيف أفعالها إلى أنفسها وإلى ما أوقعت عليه ، فيقولون : قد ندمت على ضربي إياك ، وندمت على ضربك ، فهذا من ذاك ، ومثله : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ) [الواقعة : ٨٢] أي : رزقي إياكم.
وقال بعضهم : (خافَ مَقامِي) أي : موقفي ، وهو موقف الحساب.
وقيل : خاف قيامي عليه وحفظي لأعماله.
(وَخافَ وَعِيدِ) بالعذاب ، وأثبت الياء في الحالين يعقوب ، تابعه ورش في الوصل ، وحذفها الباقون (٣). وقد نبّهنا على علّة ذلك فيما مضى.
قوله تعالى : (وَاسْتَفْتَحُوا) يعني : الرسل عليهم الصلاة والسّلام ، استنصروا
__________________
(١) الطبري (١٣ / ١٩٢) ، والوسيط (٣ / ٢٦) ، وزاد المسير (٤ / ٣٥٠).
(٢) معاني الفراء (٢ / ٧١).
(٣) إتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٧١).