وقرأ حمزة والكسائي : «خالق السموات والأرض» على الإضافة (١) ، واسم الفاعل بمعنى المضيّ ، الإضافة محضة ، بخلافها في قوله تعالى : (بالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة : ٩٥] ، و (ثانِيَ عِطْفِهِ) [الحج : ٩].
(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) يميتكم يا معشر الكفار ، (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) أطوع له منكم ، (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ) القادر على إيجاد المعدوم وإعدام الموجود (بِعَزِيزٍ) متعذر عليه.
قوله تعالى : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) أي : يبرزون لله ، وجاء بصيغة الماضي لتحقق كونه ، ومثله : (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ) [الأعراف : ٤٨] وأمثاله.
فإن قيل : الله لا يخفى عليه خافية ، فكيف قال : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ)؟
قلت : كانوا يتسترون في الدنيا من فضائحهم. ومنهم من يظن أنه يخفى على الله ما يستره ، منه قول أحد ذينك الرجلين لصاحبه : أترى الله يسمع ما نقول؟ فقال الآخر : يسمع إذا جهرنا ولا يسمع إذا أخفينا. فإذا ظهرت فضائحهم وشهدت عليهم جوارحهم يوم القيامة علموا حينئذ وتيقنوا أنهم برزوا لله جميعا ، وأنه لا يخفى شيء من أعمالهم وأحوالهم.
وقيل : إذا خرجوا من قبورهم برزوا لموقف الحساب.
(فَقالَ الضُّعَفاءُ) وهم الأتباع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) للمتبوعين الذين أنفوا عن الخضوع لعظمة الله والاعتراف بوحدانيته والاستسلام لرسله : (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً)
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ١٦) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٧٦) ، والكشف (٢ / ٢٥) ، والنشر لابن الجزري (٢ / ٢٩٨) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٧٢) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٦٢).