قال الزجاج (١) : هو جمع تابع ، مثل غائب وغيب.
وقال غيره : يجوز أن يكون مصدرا ، أي : ذوي تبع.
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) كلام يلوح منه لوم القوم ، حيث كانوا السبب في استهوائهم واستغوائهم ، وليس كما يزعمه المفسرون من أنهم سألوهم الدفع عنهم ؛ لأنهم قد علموا أنهم لا يقدرون على نصر أنفسهم ولا على الدفع عنها ، فكيف يدفعون عن غيرهم ، فوبخوهم وبكتوهم [بقولهم](٢) : هل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.
ويحقق هذا المعنى قولهم في الجواب : (لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ).
و «من» في قوله : (مِنْ عَذابِ اللهِ) للتبيين ، وفي قوله : (مِنْ شَيْءٍ) للتبعيض. ولا يجوز أن يكونا للتبعيض.
فإن قيل : كيف انتظم قولهم : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) بما قبله؟
قلت : كأنّ المتبوعين علموا أن الحامل للتابعين على توبيخهم الهلع والجزع ، فأعلموهم أنه لا يجدي لهم نفعا ولا يدفع عنهم ضررا ، ونظموهم في سلكهم لاشتراكهم في الضلال ، فقالوا : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) من مهرب ومنجى من العذاب.
قال ابن زيد : إن أهل النار قال بعضهم لبعض : تعالوا نبكي ونتضرع ، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكائهم وتضرعهم ، فبكوا وتضرعوا ، فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا : تعالوا نصبر ، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة بالصبر ، فصبروا صبرا لم ير
__________________
(١) معاني الزجاج (٣ / ١٥٨).
(٢) في الأصل : بقلهم. والصواب ما أثبتناه.