ثم لبث ما شاء الله تعالى أن يلبث ، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا تحت دوحة قريبا من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الولد بالوالد والوالد بالولد. ثم قال : يا إسماعيل إن الله تعالى أمرني بأمر؟ قال : فاصنع ما أمرك ربك. قال : وتعينني؟ قال : وأعينك. قال : فإن الله تعالى أمرني أن أبني هاهنا بيتا ، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها. قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه [له](١) فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(٢). هذا حديث صحيح انفرد بإخراجه البخاري.
قوله تعالى : (رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) أي : أسكنتهم ليقيموا الصلاة ، ويجوز أن تكون اللام متعلقة بقوله : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) أي : أجنبهم ليقيموا الصلاة.
(فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) الأفئدة جمع فؤاد الأفئدة كغراب وأغربة ، والفؤاد : مسكن القلب.
قال ابن الأنباري (٣) : إنما عبّر عن القلوب بالأفئدة ؛ لقرب القلب من الفؤاد ومجاورته. قال امرؤ القيس :
__________________
(١) زيادة من صحيح البخاري (٣ / ١٢٢٩).
(٢) أخرجه البخاري (٣ / ١٢٢٧ ـ ١٢٢٩).
(٣) انظر : زاد المسير (٤ / ٣٦٧).