لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وقرناءكم في العذاب ، كما كنتم مشتركين في سببه ، وهو الكفر.
ويؤيده : ما قرأته على أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري رحمهالله من رواية التغلبي عن ابن ذكوان عن ابن عامر : " إنكم" بكسر الهمزة (١).
قوله تعالى : (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) هذا الاستفهام إنكار تعجيب من أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم قادر على هدايتهم ، حيث كان يدأب نفسه الكريمة في دعائهم ، ويحرص على استنقاذهم من هلكة الضلال.
(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ) مثل قوله تعالى : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) [البقرة : ٣٨] وقد ذكرنا إعرابها في أوائل البقرة.
والمعنى : فإن قبضناك قبل أن ننصرك عليهم (فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) في الآخرة ، كقوله تعالى : (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) [غافر : ٧٧].
(أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ) يعني : من العذاب.
قال ابن عباس : أراه ذلك يوم بدر (٢).
وقال الحسن وقتادة : عنى بذلك المسلمين (٣).
وقد كان بعد نبي الله صلىاللهعليهوسلم نقمة شديدة ، فأكرم الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم وذهب به قبل أن يريه في أمته ما يكره.
ويروى : أن النبي صلىاللهعليهوسلم أري ما يصيب أمته من بعده ، فما رؤي ضاحكا منبسطا
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ٣٨٠) ، والسبعة (ص : ٥٨٦).
(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٣١٧) ، والسيوطي في الدر (٧ / ٣٨٠) وعزاه لابن مردويه.
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره (١٦ / ٩٢).