أسفارهم.
(إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أي : من كل جانب ، وأعملوا فيهم كل حيلة فلم يؤمنوا.
وقال الحسن : أنذروهم وقائع الله فيمن قبلهم من الأمم وعذاب الآخرة (١) ، فقد جاؤوهم بالوعظ والتخويف من جهة الزمن الماضي والمستقبل.
وقيل : جاءتهم الرسل من قبلهم ومن بعدهم.
فإن قيل : كيف يستقيم هذا القول وقد قال : " جاءتهم الرسل"؟
قلت : الرسل كلهم جاؤوا بدين التوحيد وإيجاب التصديق بكل رسول ، فكأن الرسل جميعهم قد جاؤوهم.
(أَلَّا تَعْبُدُوا) يعني : أي : لا [تعبدوا](٢). وقيل : هي مخففة من الثقيلة.
قالوا استبعادا لإرسالهم إليهم وتكذيبا لهم : (لَوْ شاءَ رَبُّنا) ، ومفعول" شاء" محذوف ، تقديره : لو شاء إرسال الرسل (لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) ولم يرسل بشرا ، (فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) هذا ليس اعتراف منهم برسالتهم ، وإنما هو على طريقة التهكم بما أرسلتم به على زعمكم.
ثم قصّ الله تعالى قصة عاد وثمود فقال : (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) أي : تكبروا وعتوا على الناس ، أو تكبروا عن الإيمان (وَقالُوا) حين توعدهم هود بالعذاب : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) فنحن ندفع ما يجيء به ، اغترارا بفخامة أجسامهم وعظم أجرامهم.
__________________
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤ / ١٩٦).
(٢) في الأصل : يعبدوا.