قال عبد الله بن عمرو : هانت والله دعوتهم على مالك وعلى رب مالك (١).
وقال بعضهم : الضمير في" قال" [لله](٢) تعالى ، أي : قال الله إنكم ماكثون ، بدليل قوله تعالى : (لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِ) أي : أتيناكم بالحق على ألسنة الرسل (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ).
يروى عن ابن عباس أنه قال في قوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ) : يريد : كلكم (٣).
وكان الزجاج ينكر هذا ، ويقول : الصحيح : أن البعض لا يكون بمعنى الكل. وقد ذكرنا مثل ذلك فيما مضى من كتابنا.
فإن قيل : إذا لم يكن المراد بالأكثر هاهنا الكل ، فما معنى الآية ، وإنما هذا الخطاب للكفار ، وكلهم كرهوا الحق؟
قلت : هذا توبيخ لهم وهم في النار على كراهيتهم للحق ونفورهم منه في الدنيا.
المعنى : أتيناكم بالحق فكرهه أكثركم ، وهم الذين أصروا على الكفر والأمر به ؛ لأنهم أكثر من الذين آمنوا.
قوله تعالى : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً) أي : أم أحكموا أمرا يكيدونك به يا محمد.
قال أكثر المفسرين : وذلك حين اجتمعوا في دار الندوة ، وقد ذكرناه في الأنفال (٤).
__________________
(١) أخرجه الحاكم (٢ / ٤٢٩ ح ٣٤٩٢).
(٢) في الأصل : الله.
(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٣٣٠).
(٤) عند الآية رقم : ٣٠.