(حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) وهو زمن اكتهاله واشتداد قوته واستحكام عقله وتمييزه ، وذلك إذا أربى على الثلاثين وناهز الأربعين.
وقال ابن قتيبة (١) : أشدّ الرجل غير أشدّ اليتيم ؛ لأن أشد الرجل : الاكتهال والحنكة ـ الحنكة : فهم الشيء وإحكامه (٢) ـ وأن يشتد رأيه وعقله ، وذلك ثلاثون سنة ، ويقال : ثمان وثلاثون سنة. وأشد الغلام : أن يشتد خلقه ويتناهى نباته.
وقد ذكرنا الأشدّ في الأنعام (٣) ويوسف (٤).
(قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي) مفسّر في النمل (٥).
والمراد بالنعمة التي سأل ربه أن يوزعه شكرها : نعمة التوحيد والإسلام.
(وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) أي : وأوزعني أن أعمل صالحا ترضاه ، (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) اجعلهم محلا ومقرا للصلاح ومظنة له.
فصل
ذهب ابن عباس وعامة المفسرين إلى أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه (٦) ، ويؤيد ذلك تعذر إجرائها على العموم في كل إنسان ؛ لأنه ليس كل من بلغ أربعين سنة قال : رب أوزعني ، ودعا بما أخبر الله تعالى عنه في هذه
__________________
(١) تفسير غريب القرآن (ص : ٢٥٤).
(٢) انظر : اللسان (مادة : حنك).
(٣) عند الآية رقم : ١٥٣.
(٤) عند الآية رقم : ٢٢.
(٥) عند الآية رقم : ١٩.
(٦) ذكره الطبري (٢٦ / ١٧) ، والماوردي (٥ / ٢٧٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٣٧٧) ، والسيوطي في الدر (٧ / ٤٤٣) وعزاه لابن مردويه عن ابن عباس.