وما بعده مفسّر إلى قوله تعالى : (بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) قرأ أهل الكوفة : " إحسانا". وقرأ الباقون : " حسنا" (١). وقد سبق القول فيه إعرابا وتفسيرا.
قوله تعالى : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) سبق ذكر اختلاف القراء فيه في سورة النساء في قوله تعالى : (أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) [النساء : ١٩] ، ونصبه على الحال (٢). أي : ذات كره ، أو على أنه صفة للمصدر ، أي : حملا ذاكره.
والمعنى : حملته على مشقة ووضعته على مشقة. وهذا خارج مخرج التعليل للإحسان.
قوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ) وقرأت ليعقوب : " وفصله" بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف (٣).
ومعنى الكلام : ومدة حمله وفصاله بالفطام عن أمه (ثَلاثُونَ شَهْراً).
وبهذه الآية احتج علي عليهالسلام وفقهاء الأمصار من بعده : على أن أقل الحمل ستة أشهر ؛ لأن مدة الرضاع لمن أراد الإتمام مقدرة بحولين ، فيتعين لأقل الحمل ستة أشهر.
وقال ابن إسحاق : حمله تسعة أشهر ، [وفصاله](٤) من اللبن لأحد وعشرين شهرا (٥).
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ٣٩٧) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٦٦٣) ، والكشف (٢ / ٢٧١) ، والنشر (٢ / ٣٧٣) ، والإتحاف (ص : ٣٩١) ، والسبعة (ص : ٥٩٦).
(٢) انظر : التبيان (٢ / ٢٣٤) ، والدر المصون (٦ / ١٣٨).
(٣) النشر (٢ / ٣٧٣) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٣٩١).
(٤) في الأصل : فصاله. والتصويب من الثعلبي (٩ / ١٢).
(٥) ذكره الثعلبي (٩ / ١٢).