وقال الزهري : لم يكن فتح أعظم من فتح الحديبية ، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم ، فتمكن الإسلام في قلوبهم ، وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير (١).
أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد ، حدثنا محمد قال : حدثني أحمد بن إسحاق (٢) ، حدثنا عثمان بن عمر (٣) ، أخبرنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) قال : الحديبية ، قال أصحابه : هنيئا مريئا فما لنا؟ فأنزل الله : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ)(٤).
وفي رواية مسلم عن أنس قال : «لما نزلت : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً* لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ) إلى قوله : (فَوْزاً عَظِيماً) مرجعه من الحديبية ، وهم مخالطهم الحزن والكآبة ، وقد نحر الهدي بالحديبية ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لقد نزلت عليّ آية هي أحب إليّ من الدنيا جميعا» (٥).
__________________
ـ وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث.
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ١٣٣) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤١٩).
(٢) أحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر بن جندل السلمي ، أبو إسحاق البخاري السرماري ، كان يضرب بشجاعته المثل ، وكان من الغزائين ، ومن أهل الفضل والنسك مع لزوم الجهاد ، مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين (تهذيب التهذيب ١ / ١١ ، والتقريب ص : ٧٧).
(٣) عثمان بن عمر بن فارس بن لقيط العبدي ، أبو محمد ، وقيل : أبو عدي ، وقيل : أبو عبد الله البصري ، ثقة ، مات سنة تسع ومائتين (تهذيب التهذيب ٧ / ١٢٩ ، والتقريب ص : ٣٨٥).
(٤) أخرجه البخاري (٤ / ١٥٣٠ ح ٣٩٣٩).
(٥) أخرجه مسلم (٣ / ١٤١٣ ح ١٧٨٦).