القول الثاني : أنه فتح مكة. رواه مسروق عن عائشة (١) ، وبه قال السدي (٢).
الثالث : أنه فتح خيبر. قاله مجاهد (٣).
[الرابع : القضاء له بالإسلام](٤).
والذي يقتضيه النظر الصحيح والبحث المستقيم : عموم ذلك في هذه الأقوال وغيرها ، وأنه بشارة للنبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين بما قضى الله تبارك لهم في الظهور والاستعلاء بما سيفتح عليهم من مكة وخيبر وغيرهما.
فإن قيل : كيف يكون ذلك وهو بصيغة الماضي؟
قلت : هكذا تجد أكثر أخبار الله تعالى في كتابه العزيز يخرج للمستقبل في صيغة الماضي ليحقق كونه متيقن وجوده ، واستواء الحالتين في علمه جل وعلا. أو نقول : الفتح : القضاء ، على ما سبق في غير موضع من كتابنا ، وقضاء الله تعالى له بذلك قد تقضى ومضى ، فلذلك أخبر به بصيغة الماضي.
قال ابن قتيبة (٥) : المعنى : إنا قضينا لك قضاء عظيما.
قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) قال صاحب الكشاف (٦) : إن قلت : كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة؟
قلت : لم يجعل علة للمغفرة ، ولكن لاجتماع ما عدد من الأمور الأربعة : وهي
__________________
(١) ذكره الماوردي (٥ / ٣٠٩) ، والسيوطي في الدر (٧ / ٥١٠) وعزاه لابن مردويه.
(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٢٣).
(٣) مثل السابق.
(٤) زيادة من زاد المسير (٧ / ٤٢٣).
(٥) تفسير غريب القرآن (ص : ٤١٢).
(٦) الكشاف (٤ / ٣٣٤).