فإن قيل : ما معنى إلزامهم إياها؟
قلت : اتّصافهم بها وشدّة ملازمتهم لها.
فإن قيل : لم سمّيت كلمة التقوى؟
قلت : لأنهم يتّقون بها غضب الله وعذابه.
فإن قيل : ما من أحد إلا وهو حقيق بقول : لا إله إلا الله ، فما معنى قوله تعالى : (وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها)؟
قلت : هو إشعار بأن الله تعالى اصطفاهم لدينه وأخلصهم لمعرفته وأهّلهم لتوحيده ، فكانوا أحق بها لموضع اصطفاء الله تعالى إياهم ، حيث جعلهم من أهل السعادة.
وقال ابن عقيل في هذا الحرف كلاما حسنا ـ لا يحضرني الآن ـ : حاصله راجع إلى أن العرب لموضع أنفتهم وحميتهم وغيرة نفوسهم ، حتى أنك ترى الواحد منهم يخاطب الأمير كما يخاطب الحقير ، أحق بتوحيد الله وتخصيصه بالخضوع والعبادة دون الأصنام من الأعاجم الذين لم يقاربوهم في العزة والأنفة.
(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٢٨)
قوله تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ) كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأى في منامه قبل خروجه عام الحديبية كأن قائلا يقول له : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) إلى