قوله تعالى : (لا تَخافُونَ) ، ورأى كأنه هو وأصحابه قد دخلوا مكة محلّقين ومقصّرين ، فأخبر أصحابه بذلك ففرحوا ، فلما خرجوا عام الحديبية حسبوا أنهم يدخلون مكة ذلك العام ، فلما رجعوا قال المنافقون : أين رؤياه التي رأى؟ فنزلت هذه الآية ، فدخلوا في العام القابل (١).
والمعنى : لقد صدق الله رسوله فيما أراه في منامه.
وقوله تعالى : (بِالْحَقِ) متعلق ب" صدق" أو ب" الرؤيا" ، وهو قسم باسمه الذي هو" الحق" ، واللام في" لتدخلن" جواب القسم ، أو جواب قسم محذوف على الأول (٢).
فإن قيل : إنما يستثني من يجهل العاقبة ، والله تعالى علم أنهم يدخلون مكة ، فما معنى قوله : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ)؟
قلت : قال أبو عبيدة وابن قتيبة (٣) : " إن" بمعنى : " إذ". وقد سبق القول على ذلك في سورة البقرة.
وليس بالجواب السديد.
وقيل : الاستثناء يعود إلى دخول بعضهم أو جميعهم. حكاه الماوردي (٤).
وليس هذا القول أيضا بشيء ، ولا يندفع به الإشكال.
وحكى القاضي أبو يعلى : أنه على وجه الحكاية لما رآه النبي صلىاللهعليهوسلم في منامه أن
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ١٤٥) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٤٢ ـ ٤٤٣).
(٢) انظر : التبيان (٢ / ٢٣٩) ، والدر المصون (٦ / ١٦٥).
(٣) تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (ص : ٤١٩).
(٤) تفسير الماوردي (٥ / ٣٢٢).