القائل قال : "(لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ)" (١).
والجواب المعتمد عليه : أن يقال : الاستثناء في مواعيد الله تعالى تأديب للعباد ، أو تثقيف لهم ، وتحضيض لهم على الاستثناء في مواعيدهم بأبلغ الطرق.
قال الزجاج (٢) : يجوز ـ وهو حسن ـ أن يكون" إن شاء الله" جرى على ما أمر الله تعالى به ، [في](٣) كل ما يفعل متوقعا فقال تعالى : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الكهف : ٢٣ ـ ٢٤].
فإن قيل : معلوم قطعا أن الله تعالى يعلم ما لا يعلمه الناس ، فما معنى إخبار المسلمين بذلك؟
قلت : ذكّرهم بذلك ليزدادوا استسلاما لأقضية الله فيهم ، وطمأنينة على الصبر على ما منوا به من تمكين أعراضهم ، وتفويضا إلى العالم الحكيم أزمّة أمورهم.
والمعنى : علم ما في تأخير دخولكم مكة وصلحكم إياهم على الوجه الذي أرادوه وكرهتموه من المصالح (ما لَمْ تَعْلَمُوا).
(فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) وهو فتح خيبر ، في قول ابن عباس وعطاء وابن زيد ومقاتل (٤).
__________________
(١) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٤٣).
(٢) معاني الزجاج (٥ / ٢٨).
(٣) في الأصل : على. والتصويب من معاني الزجاج ، الموضع السابق.
(٤) أخرجه الطبري (٢٦ / ١٠٨). وانظر : تفسير مقاتل (٣ / ٢٥٣). وذكره السيوطي في الدر (٧ / ٥٣٨ ـ ٥٣٩) وعزاه لابن جرير عن ابن زيد.