قوله تعالى : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) القوم : الرجال الذين يقومون بالأمور ، [ولذلك](١) قال : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) ، وقد ذكرنا ذلك في أوائل البقرة.
وقوله تعالى : (عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) و (خَيْراً مِنْهُمْ)(٢) كلام مستأنف موقعه موقع جواب مستخبر عن علة النهي ، ولو لا ذلك لكان حقه أن يوصل [بالفاء](٣).
والسبب في نزولها : ما روى أبو صالح عن ابن عباس : أن ثابت بن قيس بن شماس جاء يوما يريد الدنو من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان به صمم ، فقال لرجل بين يديه : افسح ، فقال له الرجل : قد أصبت مجلسا ، فجلس مغضبا ، ثم قال للرجل : من أنت؟ فقال : أنا فلان ، فقال ثابت : أنت ابن فلانة ، فذكر أما له كان يعيّر بها في الجاهلية ، فأغضى الرجل ونكس رأسه ، فنزلت هذه الآية (٤).
وقال الضحاك : نزلت في وفد تميم حين استهزؤوا بفقراء المسلمين ؛ لما رأوا من رثاثة حالهم (٥).
قوله تعالى : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) نزل على سبب آخر ، وهو ما روي عن أنس بن مالك : «أن نساء النبي صلىاللهعليهوسلم عيّرن أم سلمة بقصرها ، فنزلت هذه الآية» (٦).
__________________
(١) في الأصل : وكذلك. والتصويب من ب.
(٢) في ب : منهن.
(٣) في الأصل : بالتاء. والتصويب من ب.
(٤) انظر : أسباب النزول للواحدي (ص : ٤٠٩) ، وزاد المسير (٧ / ٤٦٥).
(٥) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٦٥).
(٦) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٦٦).