فإن قلت : (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ) منقطع [عن](١) ذكر القرآن ، فما وجه اتصاله به؟
قلت : لا يخلو إما أن يكون (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) في موضع الجر معطوفا على قوله تعالى : (لِلَّذِينَ آمَنُوا) على معنى قولك : هو للذين آمنوا هدى وشفاء ، وهو للذين لا يؤمنون في آذانهم وقر ؛ إلا أن فيه عطفا على عاملين ، وإن كان الأخفش يجيزه. وإما أن يكون مرفوعا على تقدير : والذين لا يؤمنون هو في آذانهم وقر على حذف المبتدأ ، أو في آذانهم منه وقر.
وقد ذكرنا فيما مضى أن الوقر : الصّمم.
قوله تعالى : (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) وقرأ جماعة ، منهم : ابن عباس ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص : " عم" بكسر الميم (٢) ، وقراءة الأكثرين أرجح ، وهي اختيار أبي عبيد ؛ لقوله : (هُدىً وَشِفاءٌ) ، فكذلك" عمى" مصدر مثلهما ، قال : ولو أنهما" هاد وشاف" لكان الكسر في" عم" أجود ؛ ليكون نعتا مثلهما.
(أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) تحقيق لمعنى إعراضهم وبعدهم عن الحق ، كأنهم لفرط ذلك كالذي يصاح به من مكان بعيد ، فهو لا يسمع النداء.
والآية التي [بعدها](٣) مفسرة في آخر سورة هود (٤).
__________________
(١) في الأصل : من. والمثبت من الكشاف (٤ / ٢٠٨).
(٢) انظر هذه القراءة في : البحر المحيط (٧ / ٤٨١) ، والدر المصون (٦ / ٧٠).
(٣) زيادة على الأصل.
(٤) عند تفسير الآية رقم : ١١٠.