وقيل : إن هذا إخبار من الله تعالى بأنه لا يجد طعم القرآن ونفعه إلا من آمن به. حكاه الفراء (١).
قوله تعالى : (تَنْزِيلٌ) صفة رابعة" للقرآن" ، أو خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هو تنزيل (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٢).
ولما عظّم الله القرآن وفخّمه وأقسم على كرامته أنكر عليهم تكذيبهم به ، فذلك قوله تعالى : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) يعني : القرآن (أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ).
قال الزجاج (٣) : المدهن والمداهن : الكذّاب المنافق.
وقال ابن قتيبة (٤) : يقال : أدهن في دينه وداهن.
(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ) أي : شكر رزقكم ، على حذف المضاف.
وقرأ علي عليهالسلام : وتجعلون شكركم (أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)(٥).
فالمعنى : وتجعلون شكر رزقكم ونعمة الله عليكم بالقرآن ؛ التكذيب.
والذي عليه ابن عباس وجمهور المفسرين : أن هذه الآيات نزلت في الأنواء ونسبتهم السقيا إليها. وأن المراد بالرزق : المطر ، على معنى : وتجعلون شكر ما [يرزقكم](٦) الله من المطر أنكم تكذبون بكونه من الله تعالى ، حيث تنسبونه إلى النجوم ، يدل على ذلك ؛ ما أخرج مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس قال :
__________________
(١) معاني الفراء (٣ / ١٣٠).
(٢) انظر : التبيان (٢ / ٢٥٤) ، والدر المصون (٦ / ٢٦٨).
(٣) معاني الزجاج (٥ / ١١٦).
(٤) تفسير غريب القرآن (ص : ٤٥١).
(٥) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٨ / ١٥٤) ، والدر المصون (٦ / ٢٦٩).
(٦) في الأصل : رزقكم. والمثبت من ب.