والأول هو الصحيح ، وهو المتبادر إلى الأفهام. والذي يدل على صحته قوله : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ) [البقرة : ٢١٣].
(وَالْمِيزانَ) العدل ، في قول ابن عباس وقتادة ومقاتل بن حيان (١) ، على معنى : أمرناهم به.
وقال ابن زيد ومقاتل بن سليمان (٢) : هو ما يوزن به.
فيكون المعنى : وأنزلنا معهم الأمر بالميزان.
ويروى : أن جبريل نزل بالميزان فدفعه إلى نوح ، وقال : مرقومك يزنوا به (٣).
(وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) قال ابن عباس : نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من الحديد : السّندان والكلبتان والميقعة (٤) والمطرقة والإبرة (٥).
ويروي في الحديث : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض : أنزل الحديد ، والنار ، والماء ، والملح» (٦).
وقال الحسن وجمهور أهل المعاني : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) : خلقناه ؛ كقوله في الزمر :
__________________
(١) أخرجه الطبري (٢٧ / ٢٣٧). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٦٤) وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة.
(٢) تفسير مقاتل (٣ / ٣٢٦) وفيه : العدل ـ كالقول الأول ـ. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ١٧٤).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤ / ٤٧٨).
(٤) الكلبتان : هي الآلة التي تكون مع الحدّادين (اللسان ، مادة : كلب).
والميقعة : المسنّ الطويل. وقيل : هي المطرقة (اللسان ، مادة : وقع).
(٥) أخرجه الطبري (٢٧ / ٢٣٧) من غير ذكر الإبرة. وذكره الثعلبي (٩ / ٢٤٦).
(٦) ذكره القرطبي في تفسيره (١٧ / ٢٦٠) ، والبغوي (٤ / ٢٩٩).