وقال السدي : أنزلناه (١) (قُرْآناً عَرَبِيًّا).
وقيل : صيّرناه ، ولذلك تعدى إلى مفعولين.
فإن قيل : إنما يقسم على الشيء إذا كان في مظنة الخفاء ، وكون هذا القرآن عربيا لا يفتقر في تقريره وتحقيقه إلى قسم ؛ لأنه لا ينكر؟
قلت : لم يقسم على كون القرآن عربيا فقط ، إنما أقسم على كونه قرآنا ، ثم وصفه بكونه عربيا امتنانا عليهم بإنزاله بلسانهم ، إرادة أن يعقلوه ويفهموه ، ألا تراه أتبع ذلك بقوله : (وَإِنَّهُ) يعني : القرآن.
وقال ابن جريج : ما يكون من الخلق من طاعة أو معصية أو إيمان أو كفر (٢).
والأول أصح (٣).
(فِي أُمِّ الْكِتابِ) أي : في أصله ، وهو اللوح المحفوظ ، كما قال في موضع آخر : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ* فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) [البروج : ٢١ ـ ٢٢].
(لَدَيْنا) أي : عندنا (لَعَلِيٌ) رفيع الشأن (حَكِيمٌ) محكم بالأمر والنهي ، والوعد والوعيد ، أو حكيم ذو حكمة وبلاغة.
قوله تعالى : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) قال ابن قتيبة (٤) : أفنمسك عنكم ، فلا نذكركم؟
__________________
(١) ذكره الماوردي (٥ / ٢١٥).
(٢) مثل السابق.
(٣) ورجحه غير واحد من المفسرين ؛ كالطبري (٢٥ / ٤٨) وغيره.
(٤) تفسير غريب القرآن (ص : ٣٩٥).