كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (٨) اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠) فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١) وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (١٢) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (١٣)قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٦) مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ
________________________________________________________
ظرفية (كَيْفَ) تأكيد للأولى ، وحذف الفعل بعدها للعلم به تقديره : كيف يكون لهم عهد؟ (لا يَرْقُبُوا) أي لا يراعوا (إِلًّا وَلا ذِمَّةً) الإلّ القرابة ، وقيل : الحلف ، والذمة العهد (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) استثنى من قضي له بالإيمان (أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) (١) أي رؤساء أهله قيل : إنهم أبو جهل لعنه الله ، وأمية بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، وسهيل بن عمرو ، وحكى ذلك الطبري وهو ضعيف لأن أكثر هؤلاء كان قد مات قبل نزول هذه السورة ، والأحسن أنها على العموم (لا أَيْمانَ لَهُمْ) أي لا أيمان لهم يوفون بها ، وقرئ لا إيمان (٢) بكسر الهمزة (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) يتعلق بقاتلوا (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) قيل : يعني إخراجه من المدينة حين قاتلوه بالخندق وأحد ، وقيل : يعني إخراجه من مكة إذا تشاوروا فيه بدار الندوة ثم خرج هو بنفسه (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعني : إذايتهم للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمين بمكة (يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) يريد بالقتل والأسر وفي ذلك وعد للمسلمين بالظفر (قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) قيل : إنهم خزاعة والإطلاق أحسن (وَيَتُوبُ اللهُ) استئناف إخبار فإن الله يتوب على بعض هؤلاء الكفار فيسلم (أَمْ حَسِبْتُمْ) الآية : معناها أن الله لا يتركهم دون تمحيص يظهر فيه الطيب من الخبيث ، وأم هنا بمعنى بل والهمزة ، (يَعْلَمِ اللهُ) أي : يعلم ذلك موجبا لتقوم به الحجة (وَلِيجَةً) أي بطانة (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) أي ليس لهم ذلك بالحق والواجب ، وإن كانوا قد عمروها تغليبا وظلما (٣) ، ومن قرأ مساجد بالجمع أراد جميع المساجد ، ومن قرأ (٤) بالتوحيد أراد المسجد الحرام (شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) أي أن أحوالهم وأقوالهم تقتضي الإقرار بالكفر ، وقيل : الإشارة إلى قولهم في التلبية : لا شريك لك إلا شريكا هو
__________________
(١). قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : أيمة.
(٢). وهي قراءة ابن عامر فقط.
(٣). كذا في الأصل المطبوع فلعلها محرفة.
(٤). قرأ ابن كثير وأبو عمرو : مسجد في الآيتين.