فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (٢١) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٢) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (٢٣) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (٢٧) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا
________________________________________________________
تابع أو مصدر وصف به بالغة ، أو على حذف مضاف (مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) من الأولى للبيان ، والثانية للتبعيض ، ويجوز أن يكونا للتبعيض معا قاله الزمخشري ، والأظهر أن الأولى للبيان ، والثانية زائدة ، والمعنى : هل أنتم دافعون أو متحملون عنا شيئا من عذاب الله (مَحِيصٍ) أي مهرب حيث وقع ، ويحتمل أن يكون مصدرا أو اسم مكان (وَقالَ الشَّيْطانُ) يعني إبليس الأقدم ، [كذا!] روي أنه يقوم خطيبا بهذا الكلام يوم القيامة أو في النار يقوله لأهلها (لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) إن كان كلام إبليس في القيامة بمعنى قضي الأمر ؛ تعيّن قوم للنار وقوم للجنة وإن كان في النار فمعنى قضي الأمر حصل أهل النار في النار وأهل الجنة في الجنة (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) استثناء منقطع (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) أي ما أنا بمغيثكم وما أنتم مغيثين لي (بِما أَشْرَكْتُمُونِ) ما مصدرية : أي بإشراككم لي مع الله في الطاعة (مِنْ قَبْلُ) يتعلق بأشركتمون ويحتمل أن يتعلق بكفرتم ، والأول أظهر وأرجح (إِنَّ الظَّالِمِينَ) استئناف من كلام الله تعالى ، ويحتمل أن يكون حكاية عن إبليس (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) يتعلق بأدخل أو بخالدين ، والأول أحسن.
(كَلِمَةً طَيِّبَةً) [قال] ابن عباس وغيره هي : لا إله إلا الله وقيل : كل حسنة (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) هي النخلة في قول الجمهور ، واختار ابن عطية أنها شجرة غير معينة ، إلا أنها كل ما اتصف بتلك الصفات (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) أي في الهواء ، وذلك عبارة عن طولها (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) الحين في اللغة وقت غير محدود وقد تقترن به قرينة تحده ، وقيل : في كل حين كل سنة لأن النخلة تطعم في كل سنة ، وقيل : غير ذلك (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) هي كلمة الكفر ، وقيل : كل كلمة قبيحة (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) هي الحنظلة عند الجمهور ، واختار ابن عطية غير معينة (اجْتُثَّتْ) أي اقتلعت وحقيقة الاجتثاث أخذ الجثة ، وهذا في مقابلة قوله : أصلها ثابت (بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) هو لا إله إلا الله ، والإقرار بالنبوة (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي إذا فتنوا لم يزلوا (وَفِي الْآخِرَةِ) هو عند السؤال في القبر عند الجمهور (بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) نعمة الله هنا هو محمد صلىاللهعليهوسلم ودينه : أنعم الله به على قريش فكفروا النعمة ولم يقبلوها ،