السَّمَاءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (٤١) وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (٤٣) وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ (٤٤) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (٤٦) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (٤٧)
________________________________________________________
الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) روي أنه ولد له إسماعيل وهو ابن مائة وسبع عشر عاما ، وروي أقل من هذا ، وإسماعيل أسن من إسحاق (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) إن أراد بالدعاء الطلب والرغبة فمعنى القبول : الاستجابة ، وإن أراد بالدعاء العبادة ، فالقبول على حقيقته (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) قيل إنما دعا بالمغفرة لأبويه الكافرين بشرط إسلامهما ، والصحيح أنه دعا لهما قبل أن يتبين له أن أباه عدوّ لله حسبما ورد في براءة (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً) هذا وعيد للظالمين وهم الكفار على الأظهر ، فإن قيل : لمن هذا الخطاب هنا وفي قوله : ولا تحسبن الله مخلف وعده رسله؟ فالجواب أنه يحتمل أن يكون خطابا للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو لغيره ، فإن كان لغيره فلا إشكال ، وإن كان له فهو مشكل لأن النبي صلىاللهعليهوسلم لا يحسب أن الله غافلا ، وتأويل ذلك بوجهين : أحدهما أن المراد الثبوت على علمه بأن الله غير غافل وغير مخلف وعده ، والآخر أن المراد إعلامه بعقوبة الظالمين فمقصد الكلام الوعيد لهم (تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) أي تحد النظر من الخوف (مُهْطِعِينَ) قيل : الإهطاع الإسراع ، وقيل : شدّة النظر من غير أن يطرف (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) قيل : الإقناع هو رفع الرأس ، وقيل خفضه من الذلة (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) أي لا يطرفون بعيونهم من الحذر والجزع.
(وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) أي منحرفة لا تعي شيئا من شدّة الجزع فشبهها بالهواء في تعريفه من الأشياء ، ويحتمل أن يريد مضطربة في صدورهم (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) يعني يوم القيامة ، وانتصاب يوم على أنه مفعول ثان لأنذر ، ولا يجوز أن يكون ظرفا (أَوَلَمْ تَكُونُوا) تقديره : يقال لهم أو لم تكونوا الآية (ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) هو المقسم عليه ، ومعنى من زوال ، أي من الأرض بعد الموت أي حلفتم أنكم لا تبعثون (وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ) أي جزاء مكرهم (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) إن هنا نافية ، واللام لام الجحود ، والجبال يراد بها الشرائع والنبوات ، شبهت بالجبال في ثبوتها ، والمعنى مكرهم لأنه لا تزول منه تلك الجبال الثابتة الراسخة ؛ وقرأ الكسائي لتزول بفتح اللام ورفع تزول ، وإن على هذه القراءة مخففة من الثقيلة ، واللام للتأكيد ، والمعنى تعظيم مكرهم أي أن مكرهم من شدته تزول منه الجبال ، ولكن الله عصم ووقى منه (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) يعني