خلفيات الشورى
ذكروا : أن معاوية بعث إلى ابن الحصين * ليلاً فخلا به وقال له : يا بن الحصين ؛ بلغني أن عندك ذهناً وعقلاً ، فأخبرني عن شيءٍ أسألك عنه .
قال : سلني عما بدا لك .
قال : اخبرني مالذي شتت أمر المسلمين وفرّق أهوائهم ؟
قال : قتل الناس عثمان ! قال : ما صنعت شيئاً ! قال : فمسير علي إليك وقتاله إياك ! قال : ما صنعت شيئاً ! قال : فمسير طلحة والزبير وعائشة ، وقتال عليّ إياهم ! قال : ما صنعت شيئاً .
قال : ما عندي غير هذا يا أمير المؤمنين .
قال : فأنا أخبرك ، إنه لم يشتت بين المسلمين ، ولا فرق أهوائهم ، ولا خالف بينهم إلا الشورى التي جعلها عمر إلى ستة نفر . . فلم يكن رجل منهم إلا رجاها لنفسه ، ورجاها له قومه ، وتطلعت إلى ذلك نفسه ، ولو أن عمر استخلف عليهم كما استخلف ابو بكر ، ما كان في ذلك إختلاف . (١)
____________________
* : ابن الحصين : هو عمران بن حصين الخزاعي ، أسلم عام خيبر وغزا عدة غزوات وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح ـ كذا في الإصابة . واعتزل حرب الجمل ، وكان قد نزل البصرة ، وفي سنة ٤٥ للهجرة ولاه زياد قضاء البصرة ، وتوفي في سنة ٥٢ . كما في الكامل
(١) : العقد الفريد : ٤ ـ ٢٨١ .