إن كنت أردت ـ بما صنعت ـ وجه الله ، فأثابك الله ثواب الدنيا والآخرة ، وإن كنت إنما أردتَ الدنيا ، فاكثر الله مالك !
فقال عبد الرحمن : إسمعْ ، رحمك الله ، إسمع ! قال : لا أسمع والله . وجذب يده من يده ، ومضى حتى دخل على علي عليه السلام ، فقال :
قم ، فقاتل حتى نقاتل معك . قال علي : فبمن أقاتل ؛ رحمك الله ؟!
وأقبل عمار بن ياسر ينادي :
يا ناعي الإِسلام قم فإنعه |
|
قد مات عرفٌ وبدا نُكرُ |
أما والله لو أن لي أعواناً لقاتلتهم ! والله لئن قاتلهم واحد ، لأكونن له ثانياً !
فقال علي : يا أبا اليقظان ، والله لا أجد عليهم أعواناً ، ولا احب أن أعرضكم لما لا تطيقون . (١)
وجاءت حادثة العفو عن عبيد الله بن عمر « قاتل الهرمزان » فزادت الطين بلة .
قال اليعقوبي : واكثر الناس في دم الهرمزان ، وإمساك عبيد الله بن عمر ! وصعد عثمان المنبر ، فخطب الناس ، ثم قال :
آلا إني ولي دم الهرمزان ، وقد وهبته لله ولعمر !
فقام المقداد بن عمرو ، فقال : إن الهرمزان مولىً لله ولرسوله ، وليس لك أن تهب ما كان لله ولرسوله .
قال : فننظر ، وتنظرون . ثم اخرج عثمان عبيد الله بن عمر من المدينة إلى الكوفة ، وأنزله داراً فنسب الموضع إليه فقيل : « كويفة ابن عمر . . » (٢)
____________________
(١) : شرح النهج ٩ / ٥٥ ـ ٥٦ ـ ٥٧ .
(٢) : اليعقوبي ٢ / ١٦٣ ـ ١٦٤ .