قومنا وانه أبى إلا الإنحياز إليكم ، واللحوق بكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ، ومانعوه ممن خالفه ، فأنتم وما تحملتم من ذلك ، وان كنتم ترون انكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم ، فمن الآن فدعوه ، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده .
ثم تكلم رسول الله ( ص ) ، فتلا شيئاً من القرآن ، ودعا إلى الله ، ورغب في الإِسلام ثم قال : أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم .
فأخذ البراء بن معرور بيده ، ثم قال : والذي بعثك بالحق نبياً لنمنعك مما نمنع أزرنا (١) . فبايعنا يا رسول الله ، فنحن أبناء الحروب ، وأهل الحلقة ، ورثناها كابراً عن كابر .
وتكلم بعده أبو الهيثم بن التيهان فقال : يا رسول الله ، إن بيننا وبين الرجال حبالاً ، وانا قاطعوها ـ يعني اليهود ـ فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ، ثم أظهرك الله أن ترجع الى قومك وتدعنا . ؟
فتبسم رسول الله ( ص ) ثم قال : بل الدَمُ الدم ، والهدْمُ الهدْم (٢) أنا منكم وأنتم مني ، أحارب من حاربتم ، وأسالم من سالمتم (٣) .
ثم
أمرهم رسول الله أن يختاروا منهم أثني عشر نقيباً ليكونوا على قومهم يتحملون المسؤولية تجاه رسول الله فاخرجوا منهم اثني عشر نقيباً (٤) تسعة من
____________________
(١) : الإِزار : كناية عن المرأة ، وكناية عن النفس أيضاً .
(٢) : قال ابن قتيبة : كانت العرب تقول عند عقد الحلف والجوار : دمي دمُك ، وهدمي هدمك ، أي ما هدمت من الدماء هدمته انا ، وما يجري عليك يجري علينا ؛ وقد يقصد بالهدم ، الجلاء والإِرتحال .
(٣) : راجع السيرة لإِبن هشام ٢ / ٦٤ وما قبلها .
(٤)
: واسماءهم كالتالي : سعد بن زرارة ، وسعد بن الربيع ، وعبد الله بن رواحة ، ورافع
بن =