انهما ليسا فيه ، فقال بعضهم لبعض : إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد ! (١) .
وبقي الرسول ( ص ) وصاحبه في الغار ثلاثة أيام ـ على رواية ـ ثم ارتحلا ومعهما غلام لأبي بكر يدعى عامر بن فهيرة ، أردفه ابو بكر خلفه ، وأخذ بهم الدليل على طريق الساحل .
ولم تتوانى قريش في طلب النبي ( ص ) وجعلت لمن قتله أو أسره مائة ناقة .
ومروا في طريقهم على خيمة أم معبد الخزاعية ، وكانت تقري الضيف ، فسألوها تمراً أو لحماً يشترونه منها ، فلم يجدوا عندها شيئاً ، فقالت : والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم ، ! فنظر رسول الله ( ص ) إلى شاة في جانب الخيمة وقال : ما هذه الشاة يا أم معبد ؟
قالت : هي شاة خلّفها الجَهْدُ عن الغنم ! فقال لها النبي ( ص ) : هل بها من لبن ؟
قالت : هي أجهد من ذلك ؟ فقال : أتأذنين لي أن أحلبها ؟ فقالت : نعم ، فداك أبي وأمي إن رأيت بها حلباً .
فدعا رسول الله ( ص ) بالشاة ، فمسح ضرعها وذكر اسم الله ، ثم قال : بارك الله في شأنها . فدرّت من ساعتها ، فدعا بإناءٍ كبير فحلب فيه فسقاها وسقى أصحابه حتى رويت ورووا ، وشرب هو آخرهم ، ثم قال :
وساقي القوم آخرهم شرابا
ثم حلب في الإِناء حتى إمتلأ وتركه لها وارتحل . وما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً حيّلاً عجافاً هُزّلاً ، فلما رأى اللبن تعجّب وقال : من أين لكم هذا والشاة عازبة ؟ ولا حلوبة في البيت ؟!
____________________
(١) : مقتضب من سيرة المصطفى ٢٥٠ وما بعدها .