ولحق قيس أبا سفيان بالهدة ، قبل دخوله لمكة بنحو من تسعة وثلاثين ميلاً فأخبره بمضي قريش .
فقال أبو سفيان : وا قوماه ، هذا عمل عمرو بن هشام يكره أن يرجع لأنه قد ترأس على الناس وبغى ، والبغي منقصة وشؤم ، والله لئن أصاب أصحاب محمد النفير ذللنا إلى أن يدخل مكة علينا .
وكان أبو جهل قد أصر على المضي في طريقه ، وقال : « والله لا نرجع حتى نرد بدراً ـ وكانت يومذاك موسماً من مواسم العرب في الجاهلية يجتمعون فيها وفيها سوق ـ تسمع العرب بنا وبمسيرنا فنقيم على بدر ثلاثاً ، فننحر الجزر ، ونطعم الطعام ونشرب الخمر ، وتعزف علينا القيان فلن تزال العرب تهابنا أبداً .
« رجوع بني زهرة الى مكة »
وكان الأخنس بن شراق حليفاً لبني زهرة ، فقال لهم : « يا بني زهرة ، قد نجى الله عيركم ، وخلّص أموالكم ، ونجّى صاحبكم مخرمة بن نوفل ، وإنما خرجتم لتمنعوه وماله ، وانما محمد رجل منكم وابن اختكم ، فإن يك نبياً فأنتم أسعد به ، وان يك كاذباً يلي قتله غيركم خير من أن تلو أنتم قتل ابن اختكم ، فارجعوا واجعلوا خبثها لي ، فلا حاجة لكم أن تخرجوا في غير ما يهمكم ، ودعوا ما يقوله أبو جهل ، فإنه مهلِكُ قومه ، سريع في فسادهم .
فاطاعته بنو زهرة . . ولم يشهد هذه الحرب زهري البتة . (١)
فقدان التوازن بين الفريقين
وكان
أبرز مظاهر هذه الحرب فقدان التوازن العسكري والمادي بين
____________________
(١) : شرح النهج ١٤ ـ ١٠٦ ـ الى ١٠٩ .