ثم قال رسول الله ( ص ) أشيروا علي أيها الناس .
فقام سعد بن معاذ ، فقال : كأنك تريدنا يا رسول الله ؟
فقال ( ص ) : نعم .
قال سعد : قد آمنا بك ـ يا رسول الله ـ وصدقناك واعطيناك عهودنا فامضى ـ يا رسول الله ـ لما أمرت ، فوالذي بعثك بالحق إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لنخوضنه معك ، وما نكره أن تلقى العدو بنا غداً ، وانا لصبرٌ عند الحرب ، صدقٌ عند اللقاء ، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله . (١)
كانت هذه الكلمات من المقداد ـ المهاجري ـ وسعد ـ سيد الأوس ـ تبعث في نفوس المسلمين الأمل بالنصر على عدوهم ، وتزرع في قلوبهم الصبر على مكاره الحرب ،
لكن يبدوا أن كلمات المقداد كان لها وقع خاص في نفس النبي صلّى الله عليه وآله فإنه حين سمعها انفرجت اسارير وجهه ابتهاجاً كما يظهر من حديث ابن مسعود حيث قال :
« لقد شهدت مع المقداد مشهداً لئن أكون صاحبه أحب الي مما طلعت عليه الشمس ! ـ ثم ذكر كلمة المقداد ـ ثم قال : فرأيت رسول الله ( ص ) يشرق وجهه بذلك وسرّه وأعجبه . (٢)
النبي ( صلى الله عليه وآله ) في وادي بدر
بعد ذلك ، قال رسول الله ( ص ) : سيروا بنا على بركة الله ، فإن الله قد وعدني احدى الطائفتين ، والله لكأني انظر إلى مصارع القوم .
____________________
(١) : الكامل ٢ / ١٢٠ .
(٢) : الإِستيعاب ٣ ـ ٤٧٤ .