ثم دعا لقوم من قريش كانوا قد أسرّوا الإِسلام وكانوا من المستضعفين فخرجوا مع القوم مكرهين ، كسلمة بن هشام ، وعياش بن ربيعة .
ولما وصل قريباً من بدر ، أخبر بمسير قريش ، فأخبر أصحابه بذلك واستشارهم في الأمر ليكونوا على بصيرة من ذلك ، وخشي أن لا يكون للأنصار رغبة في القتال لأنهم عاهدوه على أن يدافعوا عنه في بلدهم فيمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم .
فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله انها قريش وغدرها ، والله ما ذلت منذ عزَّت ، ولا آمنت منذ كفرت ، والله لا تسلم عزها أبداً ، ولتقاتلنك ، فاتهب لذلك أهبته ، واعد لذلك عدته (١) .
موقف المقداد
ومن الواضح أن الوضع كان غايةً في الدقة والحرج نظراً لفقدان التوازن كما أسلفنا ، لذا فإنه كان يتطلب مزيداً من الثبات والإِصرار وبث الروح الجهادية بين الصفوف والتسليم المطلق بما يقوله النبي .
قام المقداد فقال : يا رسول الله ، امض لأمر الله فنحن معك ، والله لا نقول كما قالت بنو اسرائيل لموسى : إذهب انت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن اذهب انت وربك فقاتلا انا معكم مقاتلون .
والذي بعثك بالحق ، لو سرت بنا إلى برك الغماد * لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه . . » .
فقال له رسول الله خيراً ودعا له
____________________
(١) : سيرة المصطفى ٣٣٩ .
* : بِرْكُ الغِمَاد : موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر ، وقيل : بلد باليمن . .