النضر بن الحارث
النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة . . كان أشد قريش في تكذيب النبي ( ص ) والأذى له ولأصحابه . وكان ينظر في كتب الفرس ويخالط اليهود والنصارى وسمع بذكر النبي وقرب مبعثه فقال : إن جاءنا نذير لنكونَنَّ أهدى من احدى الأُمم فنزلت الآية : ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ . . . ) ٦ ـ ١٠٩ وكان يقول : إنما يأتيكم محمد بأساطير الأولين . فنزل فيه عدة آيات .
وأتى النضر وعقبة بعض أهل الكتاب فقالوا : اعطونا شيئاً نسأل عنه محمداً . فقالوا : سلوه عن فتيةٍ هلكوا قديماً ، وعن رجل طاف حتى بلغ المشرق والمغرب ، فسألوه عن أهل الكهف وذي القرنين ، فانزل الله عز وجل في أمرهم ما أنزل .
وقال النضر وأمية بن خلف وأبو جهل للنبي ( ص ) : ان كان قرآنك من عند الله فأحيي لنا آبائنا ، وأوسع لنا بلدنا بأن تسير هذا الجبال عنا فقد ضيَّقت مكة علينا ، أو أجعل لنا الصفا ذهباً نستغني عن الرحلة « رحلة الشتاء والصيف » فإن فعلت ذلك ، آمنا بك : وكان النضر خطيب القوم ، فانزل الله سبحانه : وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ الى قول تعالى : فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ( الرعد ١٣ ـ ٣١ ) .
وأخذ النضر عظماً نخراً فسحقه ونفخه ، وقال : من يحي هذا يا محمد ؟
فنزلت فيه الآية : وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ . . أنساب الأشراف ١ / ١٤٢ ـ ١٤٣ .
اسر في بدر أسره المقداد بن عمرو ، وقتل صبراً بالأثيل فقالت أخته :
يا راكباً إن الأُثَيْلَ مَظِنةٌ |
|
من صبح خامسةٍ وانت موفق |
بلّغ به ميْتاً فإن تحيةً |
|
ما إن تزال بها الركائب تخفق |
مني إليه وعبرةً مسفوحةً |
|
جادت لما تحها واخرى تخنق |
فليسمعن النضر إن نادُيته |
|
إن كان يسمع ميت أو ينطق |
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه |
|
لله أرحام هناك تمزق |
صبراً يقاد الى المدينة راغماً |
|
رسف المقيد وهو عانٍ موثَقُ |
أمحمدٌ ولأنت نجل نجيبةٍ |
|
في قومها والفحل فحلٌ معرق |
ما كان ضرك لو مننت وربما |
|
منَّ الفتى وهو المغيظُ المحنَقُ |
والنضر اقرب من قتلتَ وسيلةً |
|
واحقهم إن كان عتق يعتق |
قال الواقدي : وروي أن النبي ( ص ) لما وصل إليه شعرها رقَّ له ، وقال : لو كنت سمعتُ شعرها قبل أن أقتله لما قتلته . شرح النهج ١٤ ـ ١٧١ ـ ١٧٢ .