الواقعة يعتبر تحريفاً بالمعنى الذي أشار إليه القرآن : ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) (١) .
ب ـ إن الألفاظ التجريحية التي وردت في المقال بالنسبة للرسول الأعظم لا تتفق مع المنهج الموضوعي ، فقد أشار بل صرح بأن القرآن من تلقاء نفس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنه تحدث في القرآن بطريقة مبهمة ، وأن محمداً يستعمل لفظ حرف بدل القرآن .
وهذه مواد لا يفترض بعالم أن يتولى التحدث بها بأسلوب الغمز واللّمز ، وهو ما لا يقبل في بحث علمي ، ولسنا نرى ذلك غفلة أو هفوة بل هو تغافل وجفوة .
ج ـ ادعى الباحث أن خصوم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذوا عليه نسخ بعض أحكام القرآن بأحكام أخرى ، مما حدا بعلماء المسلمين أن يذهبوا مذاهب شتى في تقديرهم للحقائق التي يقوم عليها هذا الاتهام .
وبإيجاز نقول : إن نسخ الأحكام شيء ، والتحريف شيء آخر ، فالنسخ لا يكون تحريفاً ، وإنما هو إحلال لحكم مكان حكم ، أو رفع لحكم من الأحكام من قبل الله تعالى ، تخفيفاً عن العباد ، أو رعاية لمصلحة المسلمين ، أو استغناء عن حكم موقوت بحكم مستديم ، وما أشبه ذلك مما يتعلق بالشريعة أو بمعتنقيها ، ولا مجال إلى الطعن في هذه الناحية على ادعاء التحريف في القرآن .
د ـ يقول الباحث ، وهو يضرب على وتر حساس : « وقد أثيرت تهمة التحريف فيما وقع من جدل بين الفرق الإسلامية المختلفة . فالشيعة يُصرون عادة على أن أهل السنة قد حذفوا وأثبتوا آيات في القرآن بغية محو أو تفنيد ما جاء فيه من الشواهد ، معززاً لمذهبهم ، وقد كال أهل السنة بطبيعة الحال نفس التهمة للشيعة » (٢) .
وهنا أثار مسألة مهمة في أقدس أثر من تراث المسلمين ، ولم يعط
__________________
(١) النساء : ٤٦ .
(٢) ظ : بول ، دائرة المعارف الإسلامية الألمانية : ٤ / ٦٠٨ .