دليلاً واحداً على صحتها ، ولم يثبت مرجعاً واحداً يتتبع هذا الاتهام .
والمسلمون جميعاً قد اتفقوا على سلامة القرآن من التحريف وتبادل الاتهامات كما سترى فيما بعد ، لا يغير من الحقيقة شيئاً ، وقد كان الأجدر بالباحث أن يتناول الموضوع بشكل آخر ، فيعرض إلى آراء المسلمين بخلو القرآن من التحريف ، بدلاً من تجريح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونسبة ما لم يكن إلى المسلمين .
إن مما يؤسف له حقاً أن يستغل ( بول ) نصاً من نصوص القرآن في إدانة اليهود ( النساء / ٤٦ ) ليبني عليه حكماً طائشاً على إدراك خاطىء ، فيعتبر التحريف تغييراً مباشراً لصيغة مكتوبة في القرآن ، ولكنه لم يعطنا نموذجاً واحداً على هذا التغيير المباشر ، وهذا المنظور الفاضح لم يوافقه عليه حتى المستشرقون أنفسهم ، فهناك بضع شهادات لكبار علماء الاستشراق العالمي ، تؤكد سلامة النص القرآني من التحريف والتغيير والتبديل ، دون كتب الديانات الأخرى .
وقد أورد أبو الحسن الندوي جملة من نصوص وأسماء المستشرقين في هذا الموضوع (١) .
إن كثيراً من الأحكام الاستشراقية قد تمليها نزعات عدائية حيناً ، وتبشيرية حيناً آخر ، وهنا يكمن الخطر فيجب ـ والحالة هذه ـ أن يعامل الحكم الاستشراقي بكثير من الحذر .
ثانياً : الافتراضات : على مدعي التحريف أن يحدد زمن وقوع التحريف كافتراض أولي لإثارة أصل المشكلة ، وإذا أخفق في تحقيق هذا الافتراض بطلت الدعوى من الأساس .
والتحريف المدعي : إما أن يقع في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإما في عهد الشيخين ، وإما في عصر عثمان ، وإما زمن الإمام علي عليهالسلام ، وإما في الحكم الأموي ، إذ لا يخلو ذلك عن أحد هذه الأزمنة ، إذ لم يدع أحد ـ
__________________
(١) ظ : الندوي ، النبي الخاتم : ٣٠ ـ ٣١ .