هذا الكوز من عندي ، فيرفعه ثم يضعه في موضعه الاول ، ويعتل بانك ما أمرتني الا بالرفع وأنا رفعته .
فان قيل : بعض العقلاء يفعلون مثل ذلك كما في الحيل التي يتخلص بها المشتاق الى اقراض الربا واقراضه ، والمشتاق الى منع الخمس والزكاة عن ظاهرها ، كأن يباع ما يعلم البائع والمشتري انه لا يسوى الا بدرهم بالف دينار بملاحظة ما يقرضه البائع ، أو يقصد انه يحسب الألف دينار من الخمس والزكاة وانه ليس الا لتغيير الصورة لا الحقيقية .
قلنا : بعض من يفعل ذلك ، لم يباشر أهل العرف بقدر ما يعلم به ذلك ، وبعضهم يعملون ويفعلون بمقتضى هواهم . قال تعالى في سورة يونس : « وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ » (۱) .
عبر عن ارسال الكتبة لاعمالهم ، أو عن خذلانهم باعطائهم المال ، مع علمه تعالى بانه يفضي الى مكرهم بالمكر ، ومن عجيب مكرهم في آيات الله تعالى ما مكروا في آية سورة البقرة : « الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ » (۲) .
فان هذه الاية تسمى في أحاديث أهل البيت عليهمالسلام بينة كما في الكافي في كتاب الايمان والكفر ، في الثالث ، والثامن ، والعاشر من كتاب الكبائر ، وفي کتاب المعيشه في الاول من باب السحت ، فانهم عليهمالسلام عدوا في تلك الاحاديث
_________________________
(۱) یونس : ۲۱ .
(٢) البقرة : ٢٧٥ .