الكلام في الاخبار
فصل
في حقيقة الخبر ، وما به يصير خبراً ، وبيان أقسامه
حد الخبر ما صح فيه الصدق أو الكذب ، وهذا أولى مما قاله بعضهم من : انه ما صح فيه الصدق والكذب ، لان ذلك محال ، لانه لا يجوز أن يكون خبر واحد صدقاً وكذباً ، لانه لا يخلو أن يكون مخبره على ما تناوله الخبر (۱) فيكون صدقاً (۲) أو لا يكون على ما تناوله الخبر فيكون كذباً .
فاما احتمالهما جميعاً فمحال على ما بينا ، ثم لو صح (۳) لكان منتقضاً ، لان ههنا مخبرات كثيرة لا يصح فيها الكذب ، ومخبرات كثيرة لا يصح فيها الصدق ، نحو الاخبار عن توحيد الله وصفاته ، فان جميع ذلك لا يصح فيها الكذب ، والاخبار عن ثان معه ، وثالث لا يصح فيها الصدق أصلا ، فعلم ان الاولى ما قلناه .
_________________________
(۱) قوله ( مخبره على ما تناوله الخبر ) المراد بالمخبر ـ بفتح الباء ـ هنا المحكوم عليه ، وبما تناوله الخبر المحكوم به .
(۲) قوله ( فيكون صدقاً الخ ) أي دائماً بناءاً على ما حقق في موضعه من ان صدق المطلقة دائمية وان لم يكن تحققها دائمياً .
(۳) قوله ( ثم لو صح ) بأن يراد بالصدق التحقق .