ارسال الرسول يتوقف على اثبات شمول القدرة ، اذ طريق اثباته ان المعجزة فعل الله خارق للعادة ، وقد صدر عنه حال دعوى النبوة ، واذا خالف الفاعل المختار عادته حين استدعاء النبي صلىاللهعليهوآله تصديقه بأمر يخالف عادته ، دل ذلك الامر على تصديقه ، وهذا متوقف على اثبات كونه فعلا له ، وكونه فعلا له يثبت بشمول القدرة . اذ لا دليل لنا على ان خصوص المعجزة فعل الله ومقدوره ، وان زعمت المعتزلة (١) .
واحتمال وجوده لا يجدي ، فلا يتم ما قيل ان الاولى في اثبات هذا المطلب ـ يعني في شمول القدرة ـ بل سائر المطالب التي يتوقف ارسال الرسول عليه ان يتمسك بالدلائل السمعية ، فيستدل على شمول القدرة بقوله تعالى : « إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » (٢) وعلى شمول العلم بقوله تعالى : « وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » (۳) وأمثاله ( انتهى ) (۴) .
والحق ان العلم بصدق الدعوى الموافق لخارق العادة ضروري بمعنى انه لا يمكن للعاقل دفعه عن نفسه بشك أو شبهة ، كالعلم باخبار البلدان المتواترة فيجري فيه ما يجري فيه من التوقف ، وهذا كاف فيما نحن فيه .
فان كان كونه خارقاً للعادة أيضاً ضرورياً بهذا المعنى ، كان العلم بأن فاعله هو الله تعالى ، وانه مقارن للصدق ضرورياً بهذا المعنى ، لانه يحصل العلم بالصدق عقيبه لكل عاقل ، وان لم يعتقد شيئاً مما يتوقف عليه ، بل وان
_________________________
(١) المعتزلة : ويسمون أيضاً أصحاب العدل والتوحيد ، ويلقبون بالقدرية والعدليه وينقسمون الى عدة طوائف . انظر ذلك في الملل والنحل ١ : ٤٣ ـ ٧٨ .
(٢) النور : ٤٥ .
(٣) النور : ٣٥ .
(٤) شرح العقائد العضدية : ٤٢ .