اليه لو صدق من غير زيادة لم يجز أن يختار الكذب على الصدق ، ولا وجه في ذلك الا لعلمه بقبح الكذب وبأنه غنى عنه بالصدق ، فكذلك القديم تعالى .
وأما الذي يدل (۱) على أنه لا يجوز أن يريد بخطابه غير ما وضع له ، ولا يدل عليه . فان ذلك يؤدى الى أن لا نعلم بخطابه شيئاً أصلا لانه لا خطاب الا وذلك يجوز فيه ، ولا يمكن أن يدعى (٢) العلم بقصده ضرورة في بعض خطابه ، لان ذلك يمنع من التكليف وليس لهم أن يقولوا انه (۳) يؤكد ذلك الخطاب فيعلم به مراده ، وان كان هذا عارياً منه لان التأكيد أيضاً خطاب فيلزم فيه ما لزم في
_________________________
(۱) قوله ( وأما الذي يدل الخ ) قد عرفت تحقيق الدليل على مثله .
(۲) قوله ( ولا يمكن أن يدعى الخ ) أن يقال ان مراد المصنف ، ان هذه الشبهة توجه الى هذا الدليل ، ودليل انه لا يجوز أن يخاطب ولا يفيد بخطابه شيئاً كما أشرنا اليه ، وأن يقال : انه وجهها الى هذا الدليل ، واكتفى بها عن توجيهها الى السابق ، لانه يعلم بالمقايسة .
وأن يقال : انه زعم أنه لا يتوجه الى السابق ، ثم دفع المصنف الشبهة بأنا نعلم انا مكلفون بالعلم بالمراد بخطابه ، والعلم الضروري من فعل الغير كما مرّ ، ولا تكليف بفعل الغير .
ويمكن أن يقال : التكليف انما هو بما يوجبه ، كما اذا أمر السيد عبده بمعرفة لون جسم مع انها من الضروريات ، فانه في الحقيقة تكليف بالنظر اليه .
(۳)
قوله ( وليس لهم أن يقولوا انه الخ ) أي لا يمكن أن يدعي العلم بقصد بالاكتساب من تأكيد ، لان التاكيد يجري فيه ما يجري في المؤكد ، ولا