دون الاخر ، فالادلة فيها كالمتكافئة (۲) واذا كان كذلك وجب الوقف ، وتجويز كل واحد من الموهبين . ونحن نعترض ما استدل به كل فريق من الفئتين ، ونبين ما في ذلك .
ولانه أيضاً لا يمتنع أن يكون العالم بهذه الاخبار قد يقدم له على الجملة العلم بصفة الجماعة التي لا يجوز أن يتفق منها الكذب ، ولا يجوز على مثلها أيضاً التواطؤ ، لان علم ذلك مستند الى العبادة ، فجائز أن يكون قد عرف ذلك ، وتقدر في نفسه ، فلما أخبره عن البلدان وأخبار الملوك والوقائع من هو على تلك الصفة ، فعل لنفسه اعتقاد الصدق لهذه الاخبار ، وكان ذلك الاعتقاد علماً للجملة المتقدمة ، فيكون كسبياً له لا ضرورياً فيه .
وليس لاحد أن يقول :
ان ادخال التفصيل في الجملة ، انما يكون فيما له أصل ضروري على سبيل الجملة ، كما نقول : ان من شأن الظلم أن يكون قبيحاً ، علم على الجملة ضروري . فاذا علمنا في ضرر بعينه انه ظلم فعلنا اعتقاداً لقبحة وكان علماً لمطابقته للجملة المتقررة ، وانتم قد جعلتم علم الجملة مكتسباً والتفصيل كذلك . وذلك انه لا فرق بين أن يكون علم الجملة حاصلا بالضرورة أو الاكتساب في جواز ان يبنى عليه التفصيل ، لان من علم منا
_________________________
(۲) قوله ( كالمتكافئة ) لعله اشارة الى رجحان دليل النظرية ، لكن لا بحيث يفيد القطع .