عاقل يعرف بالعادات الفرق بين الجماعة التي قضت العادات بامتناع الكذب عليها فيما ترويه ، وبين من ليس كذلك ، والمنافع الدنيوية من التجارات وضروب التصرفات مبنية على حصول هذا العلم فهو مستند الى العادة ويسير التأمل كاف في ذلك ، فلا يجب في المقلدين والعامة ألا يعلموا مخبر هذه الاخبار ، من حيث لم يكونوا أهل تحقيق وتدقيق لما ذكرناه .
ويقال لهم فيما تعلقوا به ثانياً : لا نسلم لكم ، ان حد العلم الضروري هو ما يمتنع على العالم دفعه عن نفسه ، بل حده ما فعله فينا من هو أقدر منا ، على وجه لا يمكننا دفعه عن انفسنا ، ولا ينبغي أن يجعلوا ما تفردوا به من الحد دليلا على موضع الخلاف .
ويقال لهم فيما تعلقوا
به ثالثاً : ان العالم بالفرق بين صفة الجماعة التي لا يجوز عليها الكذب لامتناع التواطؤ عليها ، واستحالة الكذب منها ، كالملجأ عند كمال عقله . وحاجته الى التفتيش و التصرف الى العلم بذلك (۱) ، والدواعي اليه قوية ، والبواعث على
_________________________
علمنا بما ذكرنا من المتواترات مع انتفاء ذلك . وأيضاً لو كان نظرياً لساغ الخلاف فيه ، ولو ادعى ذلك مدع لم يعد بهتاً ومكابرة كغيره من النظريات ، واللازم منتف ضرورة ( انتهى ) وذلك لان من النظريات ما هو بيّن لا يجوز الخلاف فيه بين العقلاءِ المزاولين له كبعض الهندسيات .
(۱) قوله ( الى العلم بذلك ) أي بمخبر هذه الاخبار ، وجعله اشارة الى الفرق بعيد . [ الى هنا سقط من النسخة المطبوعة ]