في السباق إن سبق أخذ السبقين معا، و إن سبق لم يغرم؛ لما رواه العامّة عن النبي صلّى اللّه عليه و اله أنّه قال: «من أدخل فرسا بين فرسين و قد أمن أن يسبق فهو قمار، و إن لم يأمن أن يسبق فليس بقمار»(١).
وجه الدلالة: أنّه إذا علم أنّ الثالث لا يسبق فهو قمار، و إذا لم يكن معهما الثالث فهو أولى بأن يكون قمارا، و الدلالة من أوّل الخبر، و هو أنّهما لو تسابقا و أدخلا بينهما ثالثا قد أيس أن يسبق لضعف فرسه و قوّة الآخرين فهو قمار؛ لأنّه قد علم و عرف أنّه لا يسبق و لا يأخذ شيئا، فإذا لم يجز هذا و معهما ثالث قد أيس أن يسبق فبأن لا يجوز إذا لم يكن معهما ثالث بحال أولى؛ لأنّه عليه السّلام قد جعله قمارا إذا أيس أن يسبق؛ لأنّه لا يخلو كلّ واحد منهما أن يغنم أو يغرم، فإذا لم يكن معهما ثالث كان أولى بذلك.
و أمّا إذا كان بينهما محلّل - و هو أن يكون معهما ثالث إن سبق أخذ السبقين، و إن سبق لم يغرم - جاز، و به قال الشافعي(٢).
و الأصل فيه أنّ إباحة السبق معتبرة بما خرج عن معنى القمار، و القمار هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانما إن أخذ أو غارما إن أعطى، فإذا لم يدخل بينهما محلّل كانت هذه حالهما، و كان قمارا، و إذا دخل بينهما محلّل غير مخرج، يأخذ إن سبق، و لا يعطي إن سبق، خرج من معنى القمار، فحلّ.٧.
١- سنن أبي داود ٢٥٧٩/٣٠:٣، سنن ابن ماجة ٢٨٧٦/٩٦٠:٢، السنن الكبرى - للبيهقي - ٢٠:١٠، المستدرك - للحاكم - ١١٤:٢.
٢- الحاوي الكبير ١٩٢:١٥، المهذّب - للشيرازي - ٤٢٢:١، نهاية المطلب ١٨: ٢٣٦، الوجيز ٢١٨:٢، حلية العلماء ٤٧٠:٥، التهذيب - للبغوي - ٧٩:٨، البيان ٣٦٨:٧-٣٦٩، العزيز شرح الوجيز ١٨٣:١٢، روضة الطالبين ٥٣٦:٧.