لم يكن له الردّ، ثمّ قال: و الصحيح أنّ ذلك يصحّ؛ لأنّه و إن كان قد ملكه بالقبول إلاّ أنّه لم يستقر ملكه عليه ما لم يقبضه، فصحّ منه الردّ، كما أنّ من وقف عليه شيء فإنّه متى ردّ صحّ ذلك و إن كان قد ملك الرقبة و المنفعة أو أحدهما(١).
و للشافعيّة و جهان، هذا أحدهما؛ لأنّه تمليك من آدميّ بغير عوض، فصحّ ردّه قبل القبض، كما لو وقف، و هو نصّ الشافعي في الأمّ، و أظهرهما عندهم: المنع؛ لأنّ الملك حاصل بعد القبول، فلا يرتفع بالردّ، كما في البيع، و كما بعد القبض(٢).
و هذا هو الوجه عندي؛ لأنّ الموصى له قد ملك بالوصيّة الجامعة للشرائط، فلا يزول ملكه عنه، إلاّ بسبب ناقل، و ليس الردّ ناقلا.
و قول الشيخ: «لم يستقر ملكه عليه» ممنوع؛ فإنّه عقد لا خيار فيه بحيث ينقسم إلى مستقرّ و غير مستقرّ، و القياس على الوقف باطل؛ لفساد القياس في نفسه، و قيام الفرق فيه؛ لأنّه إذا ردّ لم يحصل القبول الذي هو شرط أو جزء. نعم، لو قبل ثمّ ردّ لم يكن للردّ حكم.
و للحنابلة تفصيل، فقالوا: إن كان الموصى به مكيلا أو موزونا صحّ الردّ؛ لأنّه لا يستقرّ ملكه عليه قبل القبض، و إن كان غير ذلك لم يصح الردّ؛ لأنّ ملكه قد استقرّ عليه، فهو كالمقبوض، و لأنّه لمّا ملك الردّ من غير قبول ملك الردّ من غير قبض(٣).٦.
١- المبسوط - للطوسي - ٣٣:٤.
٢- المهذّب - للشيرازي - ٤٥٩:١، حلية العلماء ٧٦:٦، البيان ١٥٠:٨، العزيز شرح الوجيز ٦٤:٧، روضة الطالبين ١٣٥:٥، المغني ٤٦٨:٦، الشرح الكبير ٤٧٥:٦.
٣- المغني ٤٦٨:٦، الشرح الكبير ٤٧٥:٦.